كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


<تنبيه> قال في الحكم‏:‏ ما طلب لك شيء مثل الاضطرار ولا أسرع بالرهب إليك من الذلة والافتقار‏.‏

- ‏(‏حل‏)‏ وكذا القضاعي ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال الحافظ العراقي‏:‏ رواه ابن ماجه بلفظ من تواضع للّه رفعه اللّه ومن تكبر وضعه اللّه، قال أعني العراقي‏:‏ وإسناده حسن ورواه أحمد والبزار عن عمر بلفظ من تواضع للّه رفعه اللّه وقال‏:‏ انتعش نعشك اللّه فهو في أعين الناس عظيم وفي نفسه كبير قال الهيثمي‏:‏ رجالهما رجال الصحيح وقال ابن حجر في الفتح‏:‏ خرجه ابن ماجه من حديث أبي سعيد رفعه بلفظ من تواضع للّه رفعه اللّه حتى يجعله في أعلى عليين قال‏:‏ وصححه ابن حبان بل خرجه مسلم في الصحيح والترمذي في الجامع بلفظ ما تواضع أحد للّه إلا رفعه اللّه هكذا خرجاه معاً عن أبي هريرة رفعه فالضرب عن ذلك كله صفحا وعزوه إلى أبي نعيم وحده مع لين سنده من العجب العجاب‏.‏

8606 - ‏(‏من توضأ كما أمر‏)‏ بالبناء للمفعول أي كما أمره اللّه من استيعاب الشروط والفروض ‏(‏وصلى كما أمر‏)‏ كذلك ‏(‏غفر له ما تقدم من عمل‏)‏ أي من عمل السيئات والمراد الصغائر بقرينة قوله في الخبر المار ما اجتنبت الكبائر والمراد الصلاة المفروضة بدليل الخبر المذكور، وفيه دليل على فضل الوضوء وأنه مكفر للذنب وعلى شرف الصلاة عقبه وأن السعادة الواحدة قد يرجى منها غفران ما تقدّم من الذنوب وأن الثواب من كرم اللّه إذ العبد لا يستحق بصلاة مغفرة ذنوب كثيرة ولو كان ذلك على حكم محض الجزاء وتقدير الثواب بالفعل لكانت العبادة الواحدة تكفر السيئة الواحدة فلما كفرت ذنوباً كثيرة عرف أن المغفرة من الكريم بفضله العميم وليست على حكم المقابلة ولا على قضية المعاوضة‏.‏

- ‏(‏حم ن ه حب عن أبي أيوب‏)‏ الأنصاري ‏(‏و‏)‏ عن ‏(‏عقبة بن عامر‏)‏ الجهني‏.‏ قال الهيثمي‏:‏ رجاله موثقون‏.‏

8607 - ‏(‏من توضأ‏)‏ أي جدد وضوءه ‏(‏علي طهر‏)‏ قال الولي العراقي‏:‏ أي مع طهر، فعلى معناها هنا المصاحبة كقوله تعالى ‏{‏وآتى المال على حبه‏}‏ اهـ‏.‏ أي مع طهر الوضوء الذي صلي به فرضاً أو نفلاً كما بينه فعل راوي الخبر وهو ابن عمر فمن لم يصل به شيئاً لا يسن له تجديده فإن فعل كره، وقيل حرم، وأياً مّا كان لا ينال الثواب الموعود بقوله ‏(‏كتب‏)‏ بالبناء للمجهول ورواية الترمذي كتب اللّه، ولعل المؤلف لم يستحضرها حيث قال في فتاويه الحديثية‏:‏ لفظ الحديث كتب له بالبناء للمجهول من غير ذكر اللّه اهـ‏.‏ وذكر ذلك ردّ على السائل حيث كتب كتب اللّه ‏(‏له‏)‏ بالتجديد ‏(‏عشر حسنات‏)‏ أي عشر وضوءات إذ أقل ما وعد به من الأضعاف الحسنة بعشر، وأفاد أن الوضوء لكل صلاة لا يجب وما ورد مما يخالفه منسوخ كما مر وندب تجديده أي لمن صلى صلاة، وخرج الغسل فلا يسن تجديد عند الشافعية كالتيمم‏.‏

<فائدة> سئل المؤلف عن حديث الوضوء نور على نور‏:‏ فنقل عن المنذري والعراقي أنهما لم يريا من خرجاه وأن ابن حجر ذكر أن رزيناً أورده في كتابه قال‏:‏ ومعناه ظاهر لأن الوضوء يكسب أعضاءه نوراً، ولهذا قيل باشتقاقه من الوضاءة ودليله قصة الغرة والتحجيل فكان الوضوء على الوضوء يقوي ذلك النور ويزيده إذا لم يعرض من الحديث ما يقتضي ستره قال‏:‏ وقد كان شيخنا شيخ الإسلام شرف الدين المناوي يذكر لنا أن العارفين يشاهدون الحدث على الأعضاء ويرتبون عليه مقتضاه‏.‏ قال‏:‏ وفيه إشارة إلى ذلك‏.‏

- ‏(‏د ت ه‏)‏ كلهم في الطهارة ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الترمذي‏:‏ سنده ضعيف وفي المهذب‏:‏ فيه عبد الرحمن بن زياد لين ونقل بعضهم عن البخاري أنه حديث منكر وقال البغوي في شرح السنة‏:‏ إسناده ضعيف، وذكره النووي في الخلاصة في فصل الضعيف وقال‏:‏ قال في شرح أبي داود‏:‏ هو ضعيف في إسناده ضعيفان عبد الرحمن بن زياد الأفريقي وأبو غطيف مجهول عيناً وحالاً قال الولي العراقي‏:‏ فإن قلت الشواهد في الباب موجودة منها حديث أنس وابن حنظلة وبريدة أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم كان يتوضأ لكل صلاة قلت ليس في شيء من هذه الأحاديث تعيين هذا الثواب وإنما فيها وجود ذلك من فعل المصطفى صلى اللّه عليه وسلم اهـ وممن جرى على ضعفه المؤلف في فتاويه الحديثية فقال‏:‏ المشهور تضعيفه وقال ابن حجر‏:‏ سنده ضعيف‏.‏

8608 - ‏(‏من توضأ بعد الغسل‏)‏ من نحو جنابة ‏(‏فليس منا‏)‏ أي ليس من العاملين بسنتنا المتبعين لمنهاجنا لأن الغسل يكفي للحدث الأكبر والأصغر لكن مذهب الشافعي أن الغسل يسن له الوضوء وتحصل السنة بتقديمه وتوسطه وتأخيره لكن التقديم أفضل‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ قال في الميزان‏:‏ غريب جداً وفيه أبان بن عياش واه ويوسف بن خالد السهمي قال يحيى‏:‏ كذاب‏.‏

8609 - ‏(‏من توضأ في موضع بوله فأصابه الوسواس فلا يلومنّ إلا نفسه‏)‏ أي فلا يلوم صاحب الشرع الآمر بالوضوء لأنه لم يفعله في محله أو على وجه لا يتسلط منه الشيطان بالوسواس الذي إنما ينشأ عن خبل في العقل أو قلة في الفقه‏.‏ والوسواس بفتح الواو حديث النفس كما في الصحاح وفي النهاية حديث النفس في الأفكار، وفي المشارق ما يلقيه الشيطان في القلب وأصله الحركة الخفية وهي من أسماء الشيطان أيضاً وبكسرها مصدر بمعنى الوسوسة وهي كلام في اختلاط وفيه أنه يكره الوضوء في الموضع الذي بال فيه وقد أشار في الحديث إلى تعليل النهي بأن هذا الفعل يورث الوسواس ومعناه أن المتطهر يتوهم أنه أصابه شيء من قطره أو رشاشه فيحصل له وسواس‏.‏

- ‏(‏عد عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص وهو من حديث منصور بن عمار عن ابن لهيعة والكلام فيه معروف قال الولي العراقي‏:‏ وحكم العقيلي عليه بالوقف تحكم لا دليل عليه‏.‏

8610 - ‏(‏من توضأ يوم الجمعة فيها‏)‏ قال الزمخشري‏:‏ الباء متعلقة بفعل مضمر أي فبهذه الخصلة أو الفعلة ينال الفضل والخصلة هي الوضوء ‏(‏ونعمت‏)‏ أي ونعمت الخصلة هي، فحذف المخصوص بالمدح وقيل أي فبالرخصة أخذ ونعمت السنة التي ترك، وفيه انحراف عن مراعاة حق اللفظ فإن الضمير الثاني يرجع إلى غير ما يرجع إليه الضمير الأول ويحتمل أن يقال فعليه ‏[‏ص 111‏]‏ بتلك الفعلة اهـ وقال غيره‏:‏ هو كلام يطلق للتجويز والتحسين أي فأهلا بتلك الخصلة أو الفعلة المحصلة للواجب ونعمت الخصلة هي أو فبالسنة أخذ أي بما جوزته من الاقتصار على الوضوء ونعمت الخصلة أو الفعلة لأن الوضوء تطهير لجميع البدن إذ البدن باعتبار ما يخرج منه من الحدث غير متجزئ فكان الواجب غسل جميعه غير أن الحدث الخفيف لما كثر وقوعه كان في إيجابه حرج فاكتفى الشارع بغسل الأعضاء التي هي الأطراف تسهيلاً على العباد وجعله طهارة لكل بدن كالصلوات فإنها خمس بثواب خمسين فلما كان تطهيراً للجميع كان تكفيراً لخطايا الجميع وقوله فبها ونعمت يفيد أن الوضوء قربة مقصودة فلا يصح بدون نية فهو رد على الحنفية ‏(‏ومن اغتسل‏)‏ يومها ‏(‏فالغسل أفضل‏)‏ من الاقتصار على الوضوء لأنه أكمل وأشمل وفيه ندب الغسل لمريد الجمعة وهو سنة مؤكدة يكره تركها كما مر مراراً‏.‏

- ‏(‏حم 3 وابن خزيمة‏)‏ في صحيحه من حديث الحسن ‏(‏عن سمرة‏)‏ بن جندب بضم الدال وتفتح قال الترمذي‏:‏ حسن قال في الإمام‏:‏ من يحمل رواية الحسن عن سمرة على الاتصال يصحح هذا الحديث قال ابن حجر‏:‏ وهو مذهب المديني وقيل لم يسمع منه إلا حديث العقيقة وقيل‏:‏ لا مطلقاً‏.‏

8611 - ‏(‏من تولى غير مواليه‏)‏ أي اتخذ غيرهم ولياً يرثه ويعقل عنه وزاد في رواية تقييده بغير إذنهم قال جمع‏:‏ ولا مفهوم له بل ذكر تأكيداً للتحريم قال ابن حجر‏:‏ ويحتمل أن يكون قوله من تولى شاملاً للمعنى الأعم من الموالاة وإن منها مطلق النصرة والإعانة والإرث ويكون قوله بغير إذن مواليه يتعلق مفهومه بالأولين بما عدا الإرث، وقال ابن العربي‏:‏ التولي لغير الموالي يكون بوجوه منها أن يكون حليفاً لقوم فيخلع حلفهم ليعقده مع غيرهم ‏(‏فقد خلع ريقة الإسلام من عنقه‏)‏ أي أهمل حدود اللّه وأوامره ونواهيه وتركها بالكلية وأصل الربقة عروة في حبل تجعل في عنق الدابة تمسك به فاستعير للإسلام أي ما يشد به نفسه من عرى الإسلام وأحكامه وذلك لأن من رغب عن موالاة من أنعم عليه بالحرية كافر بالنعمة ظالم بوضع الولاء في غير محله ومن كفر نعمة العباد فهو بكفران نعم اللّه أجدر‏.‏

- ‏(‏حم والضياء‏)‏ المقدسي ‏(‏عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه قال الهيثمي‏:‏ فيه خالد بن حبان وثقه أبو زرعة وبقية رجاله رجال الصحيح‏.‏

8612 - ‏(‏من جادل في خصومه‏)‏ أي استعمل المراء والتعصب ‏(‏بغير علم لم يزل في سخط اللّه حتى ينزع‏)‏ أي يترك ذلك ويتوب منه توبة صحيحة وأخذ الذهبي وغيره منه أن الجدال بغير علم من الكبائر قال الغزالي‏:‏ والمراء طعن في كلام الغير لإظهار خلل فيه والجدال عبارة عن مراء يتعلق بإظهار المذاهب وتقريرها والخصومة لجاج في الكلام ليستوفي به مال أو حق مقصود وذلك يكون ابتداء ويكون اعتراضاً والمراء لا يكون إلا باعتراض على كلام سبق‏.‏

- ‏(‏ابن أبي الدنيا‏)‏ أبو بكر القرشي ‏(‏في‏)‏ كتاب ‏(‏ذم الغيبة‏)‏ والأصبهاني في الترغيب والترهيب ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال الذهبي‏:‏ فيه رجاء أبو يحيى صاحب السقط وهو لين وقال الحافظ العراقي‏:‏ وفيه رجاء أبو يحيى ضعفه الجمهور‏.‏

8613 - ‏(‏من جامع المشرك‏)‏ باللّه والمراد الكافر ونص على الشرك لأنه الأغلب حينئذ ‏(‏وسكن معه‏)‏ أي في ديار الكفر ‏(‏فإنه مثله‏)‏ أي من بعض الوجوه لأن الإقبال على عدو اللّه وموالاته توجب إعراضه عن اللّه ومن أعرض عنه تولاه الشيطان ونقله إلى الكفران قال الزمخشري‏:‏ وهذا أمر معقول فإن مولاة الولي وموالاة عدوه متنافيان قال‏:‏

تود عدوي ثم تزعم أنني * صديقك ليس النول عنك بعازب

وفيه إبرام وإلزام بالتصلب في مجانبة أعداء اللّه ومباعدتهم والتحرز عن مخالطتهم ومعاشرتهم ‏{‏لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين‏}‏ والمؤمن أولى بموالاة المؤمن وإذا والى الكافر جره ذلك إلى تداعي ضعف إيمانه فزجر الشارع عن مخالطته بهذا التغليظ العظيم حسماً لمادة الفساد ‏{‏يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين‏}‏ ولم يمنع من صلة أرحام من لهم من الكافرين ولا من مخالطتهم في أمر الدنيا بغير سكنى فيما يجري مجرى المعاملة من نحو بيع وشراء وأخذ وعطاء ليوالوا في الدين أهل الدين ولا يضرهم أن يبارزوا من لا يجاريهم من الكافرين ذكره الحرالي، وفي الزهد لأحمد عن ابن دينار أوحى اللّه إلى نبي من الأنبياء قل لقومك لا تدخلوا مداخل أعدائي ولا تلبسوا ملابس أعدائي ولا تركبوا مراكب أعدائي فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي وقوله من جاء مع المشرك ظن بعضهم أن معناه أتى معه مناصراً وظهيراً فجاء فعل ماض ومع المشرك جار ومجرور وقال بعضهم‏:‏ معناه نكح الشخص المشرك يعني إذا أسلم فتأخرت عنه زوجته المشركة حتى بانت منه فحذر من وطئه إياها ويؤيده ما روي عن سمرة بن جندب مرفوعاً لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم أو جامعهم فهو منهم وأفاد الخبر وجوب الهجرة أي على من عجز عن إظهار دينه وأمكنته بغير ضرر‏.‏

<تنبيه> قال ابن تيمية‏:‏ المشابهة والمشاكلة في الأمور الظاهرة توجب مشابهة ومشاكلة في الأمور الباطنة والمشاركة في الهدى الظاهر توجب مناسبة وائتلافاً وإن بعد المكان والزمان وهذا أمر محسوس فمرافقتهم ومساكنتهم ولو قليلاً سبب لوقوع ما مر واكتساب أخلاقهم التي هي ملعونة ولما كان مظنة الفساد خفي غير منضبط علق الحكم به وأدير التحريم عليه فمساكنتهم في الظاهر سبب ومظنة لمشابهتهم في الأخلاق والأفعال المذمومة بل في نفس الاعتقادات فيصير مساكن الكفار مثله وأيضاً المشاركة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة وهذا مما يشهد به الحس فإن الرجلين إذا كانا من بلد واجتمعا في دار غربة كان بينهما من المودة والائتلاف أمر عظيم بموجب الطبع وإذا كانت المشابهة في أمور دنيوية تورث المحبة والمولاة فكيف المشابهة في الأمور الدينية‏؟‏ فالموالاة للمشركين تنافي الإيمان ‏{‏ومن يتولهم منكم فإنه منهم‏}‏‏.‏

- ‏(‏د عن سمرة‏)‏ بن جندب رمز المصنف لحسنه وفيه سليمان بن موسى الأموي الأشدق قال في الكاشف‏:‏ قال النسائي‏:‏ ليس بالقوي وقال البخاري‏:‏ له مناكير‏.‏

8614 - ‏(‏من جر ثوبه‏)‏ وفي رواية لمسلم ثيابه وفي رواية ذكرها الذهبي في الكبائر شيئاً بدل ثوبه فبين به أن الازار والسراويل والجبة ونحوها من كل ملبوس فيه الوعيد قال الزين العراقي‏:‏ بل ورد عند أبي داود دخول العمامة فيه قال‏:‏ وهل المراد جر طرفها على الأرض أو المبالغة في تطويلها وتعظيمها‏؟‏ الظاهر الثاني لأن جرها على الأرض غير معهود والإسبال في كل شيء بحسبه ‏(‏خيلاء‏)‏ بضم الخاء وقد قيل بكسرها حكاه القرطبي أي سبب الخيلاء أي العجب والتكبر في غير حالة القتال كما أفاده حديث آخر وفي رواية من مخيلة ولفظ رواية مسلم من الخيلاء وحقيقة المخيلة حالة الخيلاء كالشبيبة حالة الشباب وأصله أن يخيل إليه أي يجول فيه الظن بمنزلة ليس هو فيها وفي رواية لمسلم من جر إزاره لا يريد بذلك إلا المخيلة ‏(‏لم ينظر اللّه إليه‏)‏ وفي رواية لمسلم فإن اللّه لا ينظر إليه نظر رحمة، عبر عن المعنى الكائن عند النظر بالنظر لأن من نظر إلى متواضع رحمه ومن نظر إلى متكبر مقته والرحمة والمقت مسببان عن النظر ذكره الزين العراقي وقال الكشاف‏:‏ نسبة النظر لمن يجوز عليه النظر كناية لأن من اعتد بالشخص التفت إليه ثم كثر حتى صار عبارة عن الإحسان وإن لم يكن هناك نظر ولمن لا يجوز عليه حقيقة النظر وهو تقليب الحدقة واللّه منزه عن ذلك فهي بمعنى الإحسان مجاز عما وقع في حق غيره كناية ‏(‏يوم القيامة‏)‏ خصه لأنه محل الرحمة المستمرة بخلاف رحمة الدنيا فقد تنقطع بما يتجدد من الحوادث، وتتمة الحديث عند البخاري فقال أبو بكر‏:‏ يا رسول اللّه إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده فقال له‏:‏ إنك لست ممن يفعله خيلاء، قال ابن عبد البر‏:‏ ومفهوم الحديث أن الجار لغير الخيلاء لا يلحقه الوعيد إلا أن جر القميص وغيره من الثياب مذموم ‏[‏ص 113‏]‏ بكل حال وقال النووي‏:‏ لا يجوز الإسبال تحت الكعبين للخيلاء فإن كان لغيرها كره‏.‏

- ‏(‏حم ق 4‏)‏ كلهم في اللباس إلا النسائي ففي الزينة ‏(‏حم عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب، زاد أبو داود والترمذي والنسائي قال ابن عمر‏:‏ قالت أم سلمة‏:‏ يا رسول اللّه فكيف تصنع النساء بذيولهن قال‏:‏ يرخين شبراً قالت‏:‏ إذن تنكشف أقدامهن قال‏:‏ فترخيه ذراعاً لا يزدن عليه، وإسناده صحيح ورواه الطبراني عن ابن مسعود باللفظ المذكور وزاد وإن كان على اللّه كريماً‏.‏

8615 - ‏(‏من جرد ظهر امرئ مسلم‏)‏ أي عرّاه من ثيابه ‏(‏بغير حق لقي‏)‏ بالقاف ‏(‏اللّه وهو‏)‏ أي والحال أنه ‏(‏عليه غضبان‏)‏ والمراد فيما يظهر أنه جرده من ثيابه ليضربه وفعل، ويحتمل على بعد أن المراد هتك العورة وهذا وعيد شديد يفيد أن ذلك كبيرة‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا في الأوسط ‏(‏عن أبي أمامة‏)‏ قال الهيثمي كالمنذري‏:‏ وإسناده جيد وقال ابن حجر في الفتح‏:‏ في سنده مقال‏.‏

8616 - ‏(‏من جعل قاضياً بين الناس‏)‏ بأن تولى القضاء بينهم ‏(‏فقد ذبح‏)‏ أي من تصدى له وتولاه فقد تعرض لهلاك دينه فالذبح مجاز عنه لأنه أسرع أسبابه بل أعظم إذ الذبح المتعارف يحصل به الإزهاق والإراحة وهذا ذبح ‏(‏بغير سكين‏)‏ بل بعذاب أليم فضرب المثل ليكون أبلغ في الزجر وأشد في التوقي لخطره وقال القاضي‏:‏ قوله بغير سكين يريد به كخنق وتغريق وإحراق وحبس عن طعام وشراب فإنه أصعب وأشد من القتل بالسكين لما فيه من مزيد التعذيب وامتداد مدته، شبهت به التولية لما في الحكومة من الخطر والصعوبة ويحتمل أن المراد أن التولية إهلاك لكن لا بآلته المحسوس فينبغي أن لا يستشرف له ولا يحرص عليه‏.‏

- ‏(‏حم د ه ك‏)‏ في القضاء كلهم ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي وقال العراقي‏:‏ إسناده صحيح وقال ابن حجر‏:‏ أعله ابن الجوزي وقال‏:‏ لا يصح وليس كما قال وكفاه قوّة تخريج النسائي له وقد صححه الدارقطني وغيره‏.‏

8617 - ‏(‏من جلب على الخيل يوم الرهان‏)‏ ككتاب ما يجعل لمن غلب يقال تراهن القوم أخرج كل واحد منهم رهناً ليفوز بالجميع إذا غلب ‏(‏فليس منا‏)‏ الجلب في السباق أن يتبع الرجل فرسه إنساناً فيزجره ويصيح حثاً على السبق، والمراد ليس على طريقتنا‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ ورواه عنه ابن أبي عاصم أيضاً وقال ابن حجر بعد إيراده عنه وعن الطبراني‏:‏ إسناد ابن أبي عاصم لا بأس به أي وطريق الطبراني مضعف وذلك لأن فيه عنده ضرار بن صرد قال الذهبي في الضعفاء‏:‏ قال النسائي‏:‏ متروك اهـ‏.‏ وبه يعرف أن المصنف لم يصب في عدوله عن ابن أبي عاصم واقتصاره على الطبراني‏.‏

8618 - ‏(‏من جمع بين صلاتين من غير عذر‏)‏ كسفر ومطر كذا مثل به الشافعي للعذر ‏(‏فقد أتى باباً من أبواب الكبائر‏)‏ تمسك به أبو حنيفة على منع الجمع في السفر وقال الشافعية السفر عذر كما تقرر‏.‏

- ‏(‏ت ك‏)‏ كلاهما من حديث خنش عن عكرمة ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ قال الحاكم‏:‏ وخنش ثقة ورده الذهبي في تلخيصه بأنهم ضعفوه قال في تنقيح التحقيق‏:‏ لم يتابع الحاكم على توثيقه فقد كذبه أحمد والنسائي والدارقطني وقال البيهقي‏:‏ تفرد به خنش وهو ضعيف لا يحتج به وذكره ابن حبان في الضعفاء وتركه ابن معين ورواه الدارقطني من هذا الوجه وقال‏:‏ فيه خنش أبو علي الرجبي متروك وقال ابن حجر‏:‏ خرجه الترمذي وفيه خنس أبو قيس وهو واه جداً، وحكم ابن الجوزي بوضعه ونوزع بما هو تعسف ‏[‏ص 114‏]‏ للمصنف فإن سلم عدم وضعه فهو واه جداً‏.‏

8619 - ‏(‏من جمع المال من غير حقه سلطه اللّه على الماء والطين‏)‏ أي سبب لجامعه صرفه في البنيان الذي للرياء والسمعة أو فوق ما يحتاجه أو نحو ذلك‏.‏

- ‏(‏هب عن أنس‏)‏ بن مالك وظاهر صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وأقره والأمر بخلافه بل عقبه بما نصه محمد بن عبد الرحمن القشيري أي أحد رجاله من شيوخ بقية المجهولين اهـ‏.‏ وبقية مرَّ الكلام فيه غير مرَّة، وفي الميزان عن ابن عدي محمد بن عبد الرحمن هذا منكر الحديث وساق له أحباراً هذا منها وقال‏:‏ قال الأزدي‏:‏ كذاب متروك الحديث اهـ‏.‏

8620 - ‏(‏من جمع القرآن‏)‏ لعل المراد حفظه فإنهم بوبوا عليه ثواب حافظ القرآن ‏(‏متعه اللّه بعقله حتى يموت‏)‏ أي لا يزال عقله موفراً تاماً كاملاً لا يعتريه خلل ولا خبل كما يعرض لمن أدركه الهرم وطعن في السن غالباً‏.‏

- ‏(‏عد‏)‏ من حديث رشدين بن سعد عن جرير بن حازم عن حميد ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك قال ابن الجوزي في العلل‏:‏ قال ابن عدي‏:‏ لا يرويه عن جرير غير رشدين ورشدين قال يحيى‏:‏ ليس بشيء والنسائي‏:‏ متروك اهـ‏.‏

8621 - ‏(‏من جهز غازياً‏)‏ أي هيأ له أسباب سفره أو أعطاه عدّة الغزو ومنه تجهيز العروس وتجهيز الميت ‏(‏حتى يستقل‏)‏ وفي رواية للبخاري أو خلفه في أهله بخير ‏(‏كان له مثل أجره حتى يموت أو يرجع‏)‏ أي يستوي معه في الأجر إلى انقضاء غزوه بموته أو فراغ الوقعة، فالوعد مرتب على تمام التجهيز المشار إليه بقوله حتى يستقل وعلى انقضاء الغزو، وذهب البعض إلى أن المراد بالأخبار الواردة بمثل ثواب الفعل حصول الأجر بغير تضعيف وأن التضعيف يختص بالمباشرة، وهل هذا الثواب مقصور على من جهز من لا يستطيع الجهاد أو عام‏؟‏ احتمالان أرجحهما الثاني إذ يكون يقدر على الجهاد يمنعه الشح، ومثل المجهز المعين كما في خبر مر وأفاد قوله يستقل أنه لو جهز بعضاً وترك بعضاً لا يحصل له الثواب الموعود بل له بقدر ما جهز وكذا جميع الطاعات من أعان عليها كان له مثلها كما ذكره بعضهم‏.‏

- ‏(‏ه عن عمر‏)‏ بن الخطاب رمز المصنف لحسنه ورواه عنه أيضاً أبو يعلى والبزار قال الهيثمي بعد ما عزاه لهما‏:‏ وفيه صالح بن معاذ شيخ البزار وبقية رجاله ثقات‏.‏

8622 - ‏(‏من حافظ على أربع ركعات قبل صلاة الظهر وأربع بعدها حرم على النار‏)‏ أي نار جهنم وفي رواية حرمه اللّه على النار، وفيه أن رواتب الظهر أربع قبلها وأربع بعدها لكن المؤكد ركعتان قبلها وركعتان بعدها‏.‏

-‏(‏4‏)‏ في الصلاة ‏(‏ك‏)‏ من حديث مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان ‏(‏عن أم حبيبة‏)‏ قال الذهبي في المهذب‏:‏ هذا الحديث معلل على وجوه وهو منقطع ما بين مكحول وعنبسة وقال أبو زرعة‏:‏ مكحول لم يسمع من عنبسة‏.‏

8623 - ‏(‏من حافظ على شفعة الضحى‏)‏ بضم الشين وقد تفتح من الشفع بمعنى الزوج والمراد ركعتا الضحى ويروى بالفتح والضم كالغرفة وإنما سماها شفعة لأنها أكثر من واحدة قال القتبي‏:‏ الشفع الزوج ولم أسمع به مؤنثاً إلا هنا وأحسبه ذهب بتأنيثه إلى الفعلة أو الصلاة الواحدة ‏(‏غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر‏)‏ أي كثيرة جداً، والمراد ‏[‏ص 115‏]‏ الصغائر على وزان ما مر‏.‏

- ‏(‏حم ت ه عن أبي هريرة‏)‏ وفيه النهاس بن فهم القيسي قال في الميزان‏:‏ تركه القطان وضعفه ابن معين ثم أورد له هذا الخبر‏.‏

8624 - ‏(‏من حافظ على الأذان سنة وجبت له الجنة‏)‏ الذي وقفت عليه في أصول صحيحة من الشعب بدل وجبت إلخ أوجب الجنة فلينظر والمراد من حافظ على ذلك محتسباً كما قيده به في روايات أخر‏.‏

- ‏(‏هب عن ثوبان‏)‏ مولى النبي صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم وفيه أبو قيس الدمشقي عن عبادة بن نسي أورده الذهبي في الضعفاء والمتروكين فقال‏:‏ كأنه المصلوب منهم‏.‏

8625 - ‏(‏من حاول أمراً‏)‏ أي حصوله أو دفعه ‏(‏بمعصية‏)‏ للّه ‏(‏كان أبعد لما رجا‏)‏ أي أمل ‏(‏وأقرب لمجيء ما اتقى‏)‏‏.‏

- ‏(‏حل‏)‏ من حديث عبد الوهاب بن نافع عن مالك عن إسحاق بن عبد اللّه بن أبي طلحة ‏(‏عن أنس‏)‏ ثم قال‏:‏ غريب من حديث مالك وإسحاق لم يكتبه إلا من حديث محمد بن أحمد بن إدريس عن عبد الوهاب بن نافع قال العقيلي‏:‏ منكر الحديث فقال الذهبي‏:‏ قلت بل هالك‏.‏

8626 - ‏(‏من حج‏)‏ زاد الطبراني والدارقطني أو اعتمر ‏(‏للّه‏)‏ أي لابتغاء وجه اللّه طلباً لرضاه والمراد الإخلاص بأن لا يكون قصده نحو تجارة أو زيارة ويحتمل بتكلف الحمل على الظاهر من أن المراد ابتغاء النظر إلى وجه اللّه في الآخرة ورجاء الجنة والتخلص من النار ‏(‏فلم يرفث‏)‏ أي يفحش من القول أو يخاطب امرأة بما يتعلق بجماع وفاؤه مثلثة في الماضي والمضارع قال ابن حجر‏:‏ والأفصح الفتح في الماضي والضم في المستقبل ‏(‏ولم يفسق‏)‏ أي لم يخرج عن حد الاستقامة بفعل معصية أو جدال أو مراء أو ملاحاة نحو رقيق أو أجير، والفاء في فلم يرفث عطف على الشرط وجوابه ‏(‏رجع‏)‏ أي صار ‏(‏كيوم‏)‏ بجره على الإعراب وبفتحه على البناء وإضافته لقوله ‏(‏ولدته أمه‏)‏ في خلوه عن الذنوب وهو يشمل الكبائر والتبعات وإليه ذهب القرطبي وعياض، لكن قال الطبري‏:‏ وهو محمول بالنسبة إلى المظالم على من تاب وعجز عن وفائها وقال الترمذي‏:‏ هو مخصوص بالمعاصي المتعلقة بحق اللّه لا العباد ولا يسقط الحق نفسه بل من عليه صلاة يسقط عنه إثم تأخيرها لا نفسها فلو أخرها بعده تحدد إثم آخر، ولم يذكر الجدال مع النهي عنه في الآية لأنه أريد به الخصومة مع الرفقاء اكتفاء بذكر البعض أو خروجاً عن حدود الشريعة في الفسق أو لاختلاف في الموقف لم يحتج لذكره هنا‏.‏

- ‏(‏حم خ ن ه عن أبي هريرة‏)‏ ظاهر صنيع المصنف أنه من تفردات البخاري عن صاحبه والأمر بخلافه فقد عزاه لهما جمع منهم الصدر المناوي‏.‏

8627 - ‏(‏من حج هذا البيت أو اعتمر فليكن آخر عهده الطواف بالبيت‏)‏ طواف الوداع فهو واجب وإن نفر من مني جير بالدم، ولا يلزم حائضاً طهرت خارج مكة ولو مكث بعده أعاده‏.‏

- ‏(‏حم 3 والضياء‏)‏ المقدسي ‏(‏عن الحارث ابن أوس أو ابن عبد اللّه بن أوس ‏(‏الثقفي‏)‏ قال الذهبي‏:‏ له حديث واحد في طواف الوداع اختلف فيه على الحجاج بن أرطاة ومراده هذا الحديث‏.‏

‏[‏ص 116‏]‏ 8628 - ‏(‏من حج فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي‏)‏ ومن ثم ذهب جمع من الصوفية إلى أن الهجرة إليه ميتاً كمن هاجر إليه حياً‏.‏ وأخذ منه السبكي أنه تسن زيارته حتى للنساء وإن كانت زيارة القبور لهنّ مكروهة وأطال في إبطال ما زعمه ابن تيمية من حرمة السفر لزيارته حتى على الرجال‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ عن ابن عمر قال الهيثمي‏:‏ فيه عائشة بنت يونس ولم أجد من ترجمها ‏(‏هق عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب ثم قال البيهقي‏:‏ تفرد به حفص بن سليمان وهو ضعيف وقال ابن عدي‏:‏ حفص هذا هو القارئ ضعفوه جداً مع إمامته في القراءة ورمي بالكذب والوضع ورواه الدارقطني باللفظ المزبور عن ابن عمر وأعله بأن فيه حفص بن أبي داود ضعفوه، ومن ثم أورده ابن الجوزي في الموضوع لكن نازعه السبكي‏.‏

8629 - ‏(‏من حج عن أبيه وأمه فقد قضى عنه حجته وكان له فضل عشر حجج‏)‏ ‏[‏أي إذا كان الفاعل قد حج عن نفسه، والقصد‏:‏ الترغيب في الحج عن الوالدين‏]‏ قال المحب الطبري‏:‏ لا أعلم أحداً قال بظاهره من الإجزاء عنهما بحج واحد وهو محمول على أنه يقع للأصل فرضاً وللفرع ثواباً‏.‏

- ‏(‏قط عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه، وفيه عثمان بن عبد الرحمن ضعفوه وقال الغريباني في مختصر الدارقطني‏:‏ فيه محمد بن عمرو البصري الأنصاري كان يحيى بن سعيد يضعفه جداً وقال ابن نمير‏:‏ لا يساوي شيئاً‏.‏

8630 - ‏(‏من حج عن والديه‏)‏ لفظ رواية الدارقطني أبويه ‏(‏أو قضى عنهما بعثه اللّه يوم القيامة مع الأبرار‏)‏ جمع بار وهو الكثير البر المتسع في الإحسان المتجنب العقوق والعصيان‏.‏

- ‏(‏طس قط عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني‏:‏ فيه صلة بن سليمان العطار متروك وفي الميزان‏:‏ قال النسائي‏:‏ متروك والدارقطني‏:‏ يترك حديثه قال‏:‏ ومن مناكيره هذا الخبر اهـ وقال الغرياني في اختصار الدارقطني‏:‏ فيه صلة بن سليمان عن ابن جريح تركوه قال ابن عدي‏:‏ عامة ما يرويه لا يتابع عليه وقال ابن معين‏:‏ ليس بثقة وقال مرة‏:‏ كان كذاباً ترك الناس حديثه قال النسائي‏:‏ متروك الحديث اهـ‏.‏ فما أوهمه صنيع المصنف أن مخرجه الدارقطني خرجه وسلمه غير جيد‏.‏

8631 - ‏(‏من حدث‏)‏ وفي رواية ابن ماجه من روى ‏(‏عني بحديث‏)‏ لفظ روايات ابن ماجه حديثاً وفي رواية له من روى عني حديثاً ‏(‏وهو‏)‏ أي والحال أنه ‏(‏يرى‏)‏ بضم ففتح يظن وبفتحتين ذكره بعضهم وقال النووي‏:‏ يرى ضبطنا بضمن الياء والكاذبين بكسر الباء وفتح النون على الجمع قال‏:‏ وهذا هو المشهور في اللفظين وقال عياض‏:‏ الرواية عندنا الكاذبين على الجمع قال الطيبي‏:‏ وقوله أحد الكاذبين من باب القلم أحد اللسانين والخال أحد الأبوين يعلم أنه كذب بكسر الكاف مصدر وبفتح فكسر أي ذو كذب على حذف مضاف أو المصدر بمعنى الفاعل ‏(‏فهو أحد الكاذبين‏)‏ بصيغة الجمع باعتبار كثرة النقلة وبالتثنية باعتبار المفتري والناقل عنه والأول كما في الديباج أشهر فليس لراوي حديث أن يقول قال الرسول إلا إن علم صحته ويقول في الضعيف روى أو بلغنا فإن روى ما علم أو ظن وضعه ولم يبين حاله أيدرج في جملة الكذابين لإعانته المفتري على نشر فريته فيشاركه في الإثم كمن أعان ظالماً ولهذا كان بعض التابعين يهاب الرفع ويوقف قائلاً الكذب على الصحابي أهون‏.‏

- ‏(‏حم م‏)‏ في أول صحيحه ‏(‏ه‏)‏ في السنة ‏(‏عن سمرة‏)‏ بفتح فضم ففتح ابن جندب بضم الدال وفتحها ولم يخرجه البخاري، رواه ابن ماجه عن سمرة من طريقين وعن علي من طريقين وعن المغيرة من طريق واحد‏.‏

8632 - ‏(‏من حدث بحديث‏)‏ وفي رواية حديثاً ‏(‏فعطس عنده فهو حق‏)‏ لأن للروح كشف غطاء عن الملكوت وذكر هنالك فإذا تحرك لذلك تنفس وهو عطاسه فإذا كان في ذلك الوقت كان وقت تحقق الحديث‏.‏

- ‏(‏الحكيم‏)‏ الترمذي من طريق معاوية بن يحيى عن أبي الزناد عن الأعرج ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال المصنف في الدرر تبعاً للزركشي‏:‏ وحسنه النووي في فتاويه وأخطأ من قال إنه باطل، وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجاً لأشهر من الحكيم وهو عجب فقد خرجه الطبراني في الأوسط وأبو يعلى باللفظ المذكور كلهم من الطريق المذكور وقال أعني الطبراني‏:‏ لا يروى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم إلا بهذا الإسناد وكذا أبو يعلى والديلمي قال الهيثمي‏:‏ وفيه معاوية بن يحيى الصدفي وهو ضعيف اهـ‏.‏ وعزاه النووي في الأذكار لأبي يعلى ثم قال‏:‏ كل إسناده ثقات متقنون إلا بقية بن الوليد فمختلف فيه قال‏:‏ وأكثر الحفاظ والأئمة يحتجون بروايته عن الشاميين وقد رواه معاوية الشامي وممن خرجه البيهقي في الشعب وقال‏:‏ إنه منكر اهـ‏.‏ وبالجملة هو حديث ضعيف لا موضوع كما قال ابن الجوزي‏:‏ ويكفي في رده قول النووي في فتاويه‏:‏ له أصل أصيل اهـ وقول بعضهم‏:‏ حديث باطل وإن كان إسناده كالشمس إذ كيف يجوز أن يثبت أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم شهد بصدق كل محدث عطس عنده وكم أرى في الناس من كذاب ومحدث بباطل قارن حديثه العطاس‏:‏ رده الزركشي وغيره بأن إسناده إذا صح ولم يكن في العقل ما يأباه وجب تلقيه بالقبول وقد صح في الحديث العطاس من اللّه وكان هذا الأمر المضاف إلى اللّه حق ولا يضاف إليه إلا حق‏.‏

8633 - ‏(‏من حسب كلامه من عمله قل كلامه فيما لا يعنيه‏)‏ قال الغزالي‏:‏ بين بهذا الخبر أن حرص الإنسان على معرفة ما لا حاجة له به علاجه أن يعلم أن الموت بين يديه وأنه مسؤول عن كل كلمة وأن أنفاسه رأس ماله وأن لسانه شبكته يقدر على أن يقتنص بها الحور العين وإهماله وتضييعه خسران مبين، هذا علاجه من حيث العلم وأما علاجه من حيث العمل فالعزلة ولزوم السكوت‏.‏

- ‏(‏ابن أبي السني عن أبي ذر‏)‏‏.‏

8634 - ‏(‏من حضر معصية‏)‏ وهي مخالفة الشارع بترك واجب أو فعل محرم، أعم من الكبائر والصغائر ‏(‏فكرهها فكأنما غاب عنها ومن غاب عنها فرضيها فكأنه حضرها‏)‏ لأن من ودّ شيئاً كان من عمله ولهذا خاطب اللّه سبحانه بني إسرائيل بقوله ‏{‏وإذ قتلتم نفساً‏}‏ مع أن القائلين هم الماضون من أسلافهم‏.‏

- ‏(‏هق عن أبي هريرة‏)‏ وفيه يحيى بن أبي سليم أو ابن أبي سليمان قال الذهبي‏:‏ غير قوي‏.‏

8635 - ‏(‏من حضر إماماً‏)‏ أي مجلسه والمراد الإمام الأعظم ومثله نوابه وكذا القضاة وكل ذي ولاية عامة ‏(‏فليقل خيراً أو ليسكت‏)‏ قال في الفردوس‏:‏ يعني بالإمام السلطان ويلحق به من ذكر‏.‏

- ‏(‏طس عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الهيثمي‏:‏ وفيه صالح بن محمد بن زياد وثقه أحمد وضعفه جمع وبقية رجاله ثقات وأعاده في موضع آخر وقال‏:‏ فيه محمد بن محمد التمار قال ابن حبان‏:‏ ثقة وربما أخطأ وقد أكثر عنه الطبراني‏.‏

8636 - ‏(‏من حفظ على أمتي‏)‏ يعني نقل إليهم بطريق التخريج والإسناد على ما سيجيء ‏(‏أربعين حديثاً من السنة‏)‏ صحاحاً أو حساناً قيل أو ضعافاً يعمل بها في الفضائل ‏(‏كنت له شفيعاً وشهيداً يوم القيامة‏)‏ وفي رواية كتب في زمرة العلماء وحشر في زمرة الشهداء وفي رواية بعثه اللّه يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء قال الأصفهاني‏:‏ واختلف في هذه فذهب بعضهم إلى أنها أربعين من أحاديث الأحكام وذهب بعضهم إلى أن الشرط أن تكون خارجة عن الطعن سليمة من القدح كيفما كانت وذهب آخرون إلى أنها أحاديث على مذهب الصوفية فيما يتعلق بآداب النفس والمعاملة وذهب بعضهم إلى أنها أحاديث تصلح للمتقين وتوافق حال المتبصرين وكلها صواب والمرجع إلى حقيقة يقين العبد وما أعدّ اللّه لأهل طاعته من الثواب في دار الحساب وكل من ذهب إلى واحد من هذه الأقوال فحافظ عليه بجد واجتهاد وقام به بمعرفة ورشاد نال من اللّه ما وعده رسوله يوم المعاد ووجه إيثار هذا العدد بذلك أن الأربعين أقل عدد له ربع عشر صحيح فكما دل حديث الزكاة على تطهير ربع العشر الباقي فكذا العمل بربع عشر الأربعين يخرج باقيها عن كونه غير معمول به فخصت بالذكر إشارة لذلك‏.‏

- ‏(‏عد عن ابن عباس‏)‏ قال النووي‏:‏ طرقه كلها ضعيفة وقال الزين العراقي‏:‏ رواه أيضاً ابن عبد البر في العلم من حديث ابن عمر وضعفه وقال العلائي‏:‏ تفرد به إسحاق بن نجيح الملطي قال أحمد وابن معين‏:‏ كذاب وقال ابن عدي‏:‏ وضاع وقال صالح‏:‏ هذا الحديث باطل وقال البيهقي في الشعب‏:‏ بين مشهور بين الناس وليس إسناده بصحيح، وقال ابن عساكر‏:‏ الحديث روي عن علي وعمر وأنس وابن عباس وابن مسعود ومعاذ وأبي أمامة وأبي الدرداء وأبي سعيد بأسانيد فيها كلها مقال ليس للتصحيح فيها مجال لكن كثرة طرقه تقويه وأجود طرقه خبر معاذ مع ضعفه‏.‏

8637 - ‏(‏من حفظ على أمتي أربعين حديثاً من سنتي‏)‏ ونقلها إليهم ‏(‏أدخلته يوم القيامة في شفاعتي‏)‏ ‏[‏قال العلقمي‏:‏ الحفظ هو ضبط الشيء ومنعه من الضياع فتارة يكون حفظ العلم بالقلب وإن لم يكتب وتارة في الكتاب وإن لم يحفظ بقلبه فلو حفظ في كتابه ثم نقل إلى الناس دخل في وعد الحديث وإن كتبها في عشرين كتابا‏]‏ فإن لم ينقلها إليهم لم يشمله هذا الوعد وإن حفظ عن ظهر قلب إذ المدار على نفع الأمة ولم يوجد واستنباط معنى من النص يخصصه سائغ ثم إن كان نقلها بطريق الإسناد والاجتهاد كما فعل البخاري وأضرابه فهو أعلى درجات النقل وإن كان يأخذها من دواوين أولئك كنقل المصنف ونحوه ففي دخوله في هذا الوعد وقفة إذ لم يحفظ هو على الأمة وإنما حافظه صاحب الكتاب المدون الذي تعب في تخريجه وبتسليم دخوله فليس كدخول المسند للمجتهد وإنما له أجر إفراد الحديث من ذلك الديوان وتقريب تناوله لا أجر إسناده وحاصله أنه إن لم يحفظه الحفظ التام لم يدخل في الوعد الدخول التام، ذكره العز بن جماعة وحاول بعض أهل القرن العاشر اعتراضه فلم يأت بطائل‏.‏

- ‏(‏ابن النجار‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن أبي سعيد‏)‏ الخدري قال ابن حجر‏:‏ حديث من حفظ ورد في رواية ثلاثة عشر صحابياً خرجها ابن الجوزي في العلل بين ضويعفها كلها وأفرده المنذري بجزء ولخصت القول فيه في الإملاء ثم جمعت طرقه في جزء ليس فيها طريق تسلم من علة قادحة اهـ‏.‏

8638 - ‏(‏من حفظ ما بين فقميه‏)‏ بضم الفاء وفتحها لحييه وهو الفم من أكل الحرام وقبيح الكلام ‏(‏ورجليه‏)‏ وهو الفرج ‏[‏ص 119‏]‏ من نحو زنا ولواط وسحاق ومقدماتها فمن قصره على الزنا فقد قصر في رواية من حفظ لي ومعنى كون النبي صلى اللّه عليه وسلم محفوظاً له أنه طالب لهذه المحافظة ونفعها راجع إليه لأنه هو الهادي واهتداء المدلول نافع له ‏(‏دخل الجنة‏)‏ أي مع السابقين الأولين أو من غير سابقة عذاب وإلا فلو لم يحفظها دخل أيضاً بعد التعذيب بل إن سومح لم يعذب‏.‏

- ‏(‏حم ك‏)‏ في الحدود وكذا أبو يعلى والطبراني كلهم ‏(‏عن أبي موسى‏)‏ الأشعري قال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي وقال المنذري‏:‏ رواته ثقات وقال الهيثمي‏:‏ رجال الطبراني وأبي يعلى ثقات والظاهر أن الراوي الذي سقط عند أحمد سليمان بن يسار‏.‏

8639 - ‏(‏من حفظ عشر آيات من أول‏)‏ وفي رواية من آخر ‏(‏سورة الكهف عصم من فتنة الدجال‏)‏ لما في قصة أهل الكهف من العجائب فمن علمها لم يستغرب أمر الدجال فلا يفتن أو لأن من تدبر هذه الآيات وتأمل معناها حذره فأمن منه أو هذه خصوصية أودعت في السورة‏[‏فمن تدبرها لم يفتتن بالدجال ويجوز أن يكون التخصيص بها لما فيها - أي العشر الآيات الأول - من ذكر التوحيد وخلاص أصحاب الكهف من شر الكفرة المتجبرة‏]‏ ومن ثم ورد في رواية كلها وعليه يجتمع رواية من أول ومن آخر ويكون ذكر العشر استدراجاً لحفظ الكل والتعريف للعهد أو للجنس لأن الدجال من يكثر الكذب والتمويه وفي خبر يكون في آخر الزمان دجالون وفيه جواز الدعاء بالعصمة من نوع معين والممتنع الدعاء بمطلقها لاختصاصها بالنبي صلى اللّه عليه وسلم والملك‏.‏

- ‏(‏حم م‏)‏ في الصلاة ‏(‏د‏)‏ في الملاحم ‏(‏ن‏)‏ كلهم ‏(‏عن أبي الدرداء‏)‏ ووهم الحاكم فاستدركه وقال الترمذي‏:‏ حسن صحيح ولم يخرجه البخاري‏.‏

8640 - ‏(‏من حفظ لسانه‏)‏ أي صانه عن النطق بالكذب وغيره من المحرمات ‏(‏وسمعه‏)‏ من الاستماع إلى ما لا يجوز كغيبة ونميمة ‏(‏وبصره‏)‏ عن النظر إلى محرم أو صورة مليحة بشهوة نفس أو إلى مسلم بعين الاحتقار ‏(‏يوم عرفة غفر له من عرفة إلى عرفة‏)‏ ظاهر اللفظ يشمل الواقف بعرفة وغيره لكن قضية السياق أن الكلام في الحاج الواقف بها فتدبر‏.‏

- ‏(‏هب عن الفضل‏)‏ بن عباس ورواه عنه أبو يعلى أيضاً‏.‏

8641 - ‏(‏من حلف على يمين‏)‏ أي بها وهو مجموع المقسم به والمقسم عليه لكن المراد هنا المقسم عليه مجازاً ذكراً للكل وإرادة للبعض ‏(‏فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه‏)‏ يعني من حلف يميناً جزماً ثم بدا له أمر فعله أفضل من إبرار يمينه فليفعل ذلك الأمر ويكفر بعد فعله وفي جواز التكفير قبل الحنث وبعد اليمين خلاف جوزه الشافعية ومنعه الحنفية‏.‏

<فائدة> قيل اليمين ضروري لا يغتفر إلى تعريف وقيل غير ضروري للاختلاف في التعاليق هل هي أيمان أو التزامات‏؟‏ والضروري لا يختلف وإذا بطل كونه ضرورياً فالنظر يفتقر للتعريف وعرفه ابن العربي بأنه ربط العقد بالامتناع من الفعل أو القدوم عليه بمعظم حقيقة أو اعتقاداً ونوزع بخروج اليمين الغموس واللغو والتعاليق‏.‏

- ‏(‏حم م ت‏)‏ في الأيمان ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال‏:‏ أعتم رجل عند النبي صلى اللّه عليه وسلم فرجع إلى أهله فوجد الصبية ناموا فأتاه أهله بطعام فخلف لا يأكل لأجل الصبية ثم بدا له فأكل فأتى النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فأخبر فذكره ولم يخرجه البخاري‏.‏

8642 - ‏(‏من حلف بغير اللّه فقد كفر‏)‏ وفي رواية أشرك أي فعل فعل أهل الشرك أو تشبه بهم إذ كانت أيمانهم بآبائهم وما يعبدون من دون اللّه أو فقد أشرك في تعظيم من لم يكن أن يعظمه لأن الأيمان لا تصلح إلا باللّه فالحالف بغيره معظم غيره مما ليس له فهو يشرك غير اللّه في تعظيمه ورجحه ابن جرير‏.‏ ومن هذا التقرير علم أن من زعم أن الخبر ورد على منهج الزجر والتغليظ فقد تكلف، قال النووي‏:‏ ومن المكروه قول الصائم وحق هذا الخاتم الذي على فمي‏.‏

- ‏(‏حم ت ك‏)‏ في الأيمان ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب وقال الحاكم‏:‏ على شرطهما وأقره الذهبي في التلخيص وقال في الكبائر‏:‏ إسناده على شرط مسلم وقال الزين العراقي في أماليه‏:‏ رجاله ثقات‏.‏

8643 - ‏(‏من حلف‏)‏ أي أراد الحلف ‏(‏فليحلف برب الكعبة‏)‏ لا بالكعبة فإن الحلف بمخلوق مكروه وإن كان عظيماً كالكعبة والأنبياء والملائكة وإقسام اللّه ببعض مخلوقاته تنبيه على شرفها‏.‏

- ‏(‏حم هق عن قتيلة‏)‏ بقاف مضمومة ومثناة فوقية مفتوحة مصغراً ‏[‏قالت قتيلة‏:‏ جاء حبر إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال‏:‏ نعم القوم أنتم يا محمد لولا أنكم تشركون قال‏:‏ سبحان اللّه وما ذلك قال‏:‏ تقولون والكعبة إذا حلفتم فأمهل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم شيئاً ثم قال‏:‏ إنه قد قال من حلف فليحلف برب الكعبة ثم قال‏:‏ نعم القوم أنتم لولا أنكم تجعلون للّه نداً قال‏:‏ وما ذاك قال‏:‏ تقولون ما شاء اللّه وشئت قال‏:‏ فأمهل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم قال‏:‏ إنه قد قال من قال ما شاء اللّه فليقل ثم شئت‏]‏ ‏(‏بنت صيفي‏)‏ الجهنية والأنصارية صحابية من المهاجرات‏.‏

8644 - ‏(‏من حلف علي يمين‏)‏ أي على محلوف يمين قال القاضي‏:‏ إنما قال على يمين تنزيلاً للحلف منزلة المحلوف عليه اتساعاً ‏(‏صبر‏)‏ بفتح الصاد وسكون الموحدة هي التي تلزم ويجبر حالفها عليها حال كونه ‏(‏يقتطع بها‏)‏ أي بسبب اليمين ‏(‏مال‏)‏ وفي رواية حق ‏(‏امرئ‏)‏ وهي بالترجيح أحق لعمومها وشمولها غير المال كحد قذف ونصيب زوجة في قسم ونحو ذلك ‏(‏مسلم‏)‏ قيد اتفاقي لا احترازي فالذمي كذلك بل حقه أوجب رعاية لإمكان أن يرضي اللّه المسلم المظلوم يوم الجزاء برفع درجاته فيعفو عن ظالمه والكافر لا يصلح لذلك ‏(‏هو فيها فاجر‏)‏ أراد بالفجور لازمه وهو الكذب وقال القاضي‏:‏ أقام الفجور مقام الكذب ليدل على أنه من أنواعه ‏(‏لقي اللّه‏)‏ يوم القيامة ‏(‏وهو عليه غضبان‏)‏ فيعامله معاملة المغضوب عليه من كونه لا ينظر إليه ولا يكلمه ولا يكرمه بل يهينه ويعذبه أو وهو عليه غضبان أي مريد لعقوبته وإذا لقيه وهو يريدها جاز بعد ذلك أن يرفع عنه تماديه بشرط أن لا يكون متعلق إرادته عذاب واصب فإن ما تعلق به وصف الإرادة لا بد من وقوعه‏.‏ وغفران الجرائم أصل من أصول الدين إما بالموازنة أو بالطول المحض‏.‏ والتنوين للتهويل أو للإشارة إلى عظم هذه الجريمة وفي رواية لقي اللّه أجذم وفي أخرى أوجب اللّه له النار وحرم عليه الجنة وهذا خرج مخرج الزجر والمبالغة في المنع بدليل تأكيد إيجاب النار في الرواية الأخيرة بتحريم الجنة فإن أحدها يستلزم الآخر والمقام يقتضي التأكيد إذ مرتكب هذه الجريمة قد بلغ في الاعتداء الغاية حيث اقتطع حق امرئ لا تعلق له به واستخف بحرمة الإسلام ومع ذلك فلا يجري على ظاهره وفيه أن اقتطاع الحق يوجب دخول النار إلا أن يبرئ صاحب الحق أو يعفو عن الحق والكلام فيما إذا حلف باسم من أسمائه تعالى أو بصفة من صفاته فإن حلف بغير ذلك فليس بيمين شرعي وإنما سموه الفقهاء يميناً مجازاً كمن حلف بطلاق أو عتاق أو مشى لأنه إنما علق فعله بشرط فإنه إذا وقع الشرط وقع المشروط‏.‏

- ‏(‏حم ق 4 عن الأشعث بن قيس‏)‏ بن معد يكرب بن معاوية الكندي اسمه معد يكرب وفد في قومه ‏[‏ص 121‏]‏ فأسلموا ثم ارتد بعد النبي صلى اللّه عليه وسلم فأسر فأسلم فزوجه أبو بكر أخته ثم شهد اليرموك والقادسية وكان ممن ألزم علياً بالتحكيم ‏(‏وابن مسعود‏)‏ وهذا الحديث فيه قصة وذلك أن ابن مسعود لما حدث بذلك في مجلسه دخل الأشعث بن قيس فقال‏:‏ ما يحدثكم أبو عبد الرحمن قالوا‏:‏ كذا وكذا قال‏:‏ صدق فيَّ نزلت، كان بيني وبين رجل أرض باليمن فخاصمته إلى المصطفى صلى اللّه عليه وسلم فقال‏:‏ هل لك بينة قلت‏:‏ لا قال‏:‏ فيمينه قلت‏:‏ إذن يحلف فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عند ذلك - فذكره - فنزلت ‏{‏إن الذين يشترون بعهد اللّه وأيمانهم ثمناً قليلاً‏}‏ الآية‏.‏

8645 - ‏(‏من حلف على يمين‏)‏ أي من حلف يميناً باللّه أو بطلاق ‏(‏فقال‏)‏ متصلاً باللفظ ‏(‏إن شاء اللّه فقد استثنى‏)‏ ‏[‏ولا فرق بين الحلف باللّه أو بالطلاق أو بالعتاق عند أكثرهم، وقال مالك والأوزاعي‏:‏ إذا حلف بطلاق أو عتاق فالاستثناء لا يغني عنه شيئاً، وقال المالكية‏:‏ الاستثناء لا يعمل إلا في يمين تدخلها الكفارة، ولا بد من قصد التعليق فلو قصد التبرك بذكر اللّه أو أطلق وقع الطلاق‏]‏ أي فلا حنث عليه كما في رواية الترمذي وذلك لأن المشيئة وعدمها غير معلوم والوقوع بخلافها محال‏.‏ وفي تعبيره بالفاء في فقال إشعار بالاتصال لأنها موضوعة لغير التراخي فمتى انفصل الاستثناء لم يؤثر والاستثناء استفعال من المثنى بضم فسكون من ثنيت الشيء إذا عطفته فإن المستثنى عطف بعض ما ذكره لأنها عرفاً إخراج بعض ما تناوله اللفظ بإلا وأخواتها‏.‏

- ‏(‏د ن ك‏)‏ في الأيمان وصححه ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب يرفعه ووقفه بعضهم وقول الترمذي لم يرفعه غير أبي أيوب تعقبه مغلطاي بأن غيره رفعه أيضاً وقال ابن حجر‏:‏ رجاله ثقات‏.‏

8646 - ‏(‏من حلف بالأمانة‏)‏ أي الفرائض كصلاة وصوم وحج ‏(‏فليس منا‏)‏ أي ليس من جملة المتقين معدوداً ولا من جملة أكابر المسلمين محسوباً وليس من ذوي أسوتنا فإنه من ديدن أهل الكتاب ولأنه سبحانه أمر بالحلف بأسمائه وصفاته، والأمانة أمر من أموره فالحلف بها يوهم التسوية بينها وبين السماء والصفات فنهوا عنه كما نهوا عن الحلف بالآباء قال الطيبي‏:‏ ولعله أراد الوعيد عليه لكونه حلفاً بغير اللّه وصفاته ولا تتعلق به الكفارة وفاقاً، وقال الشافعية‏:‏ من قال عليَّ أمانة اللّه لأفعلن كذا وأراد اليمين كان يميناً وإلا فلا، وقال أشهب المالكي‏:‏ الأمانة محتملة فإن أريد بها بين الخلق فغير يمين وإن أريد بها التي هي من صفات ذاته تعالى فهي يمين ولهذا صح الحلف بالصفات ‏[‏وإذا قال الحالف وأمانة اللّه كانت يميناً عند أبي حنيفة ولم يعدها الشافعي يميناً‏]‏‏.‏

- ‏(‏د‏)‏ في الأيمان والنذور ‏(‏عن بريدة‏)‏ وإسناده صحيح كما في الأذكار، وفي الرياض‏:‏ حديث صحيح‏.‏

8647 - ‏(‏من حمل‏)‏ وفي رواية من شهر ‏(‏علينا السلاح‏)‏ أي قاتلنا بالسلاح فهو منصوب بنزع الخافض وجعلهم مفعول حمل وعلينا حال أي حمله علينا لا لنا لنحو حراسة عن دفع عدو ذكره الطيبي، وهو هنا ما أعد للحرب وفي رواية بدل السلاح السيف وكنى بالحمل عن المقاتلة أو القتل اللازم له غالباً، قال ابن دقيق العيد‏:‏ يحتمل أن يراد بالحمل ما يضاد الوضع ويكون كناية عن القتال به ويحتمل أن المراد حمل للضرب به وكيفما كان ففيه دلالة على تحريم قتال المسلمين والتشديد فيه، وقال ابن العربي‏:‏ حمل السلاح لا يخلو أن يكون باسم حرابة أو تأويل أو ديانة فإن كان لحرابة فجزاؤه نص في الكتاب أو منازعة في ولاية فهم البغاة بشرطه أو لديانة فإن كانت بدعة فإن كفرناه بها فمرتد وإلا فكمحارب في القتل والقتال ‏(‏فليس منا‏)‏ إن استحل ذلك فإن لم يستحل فالمراد ليس متخلقاً بأخلاقنا ولا عاملاً بطرائقنا‏.‏ أطلقه مع احتمال إرادة ليس على ملتنا مبالغة في الزجر عن إدخال الرعب على الناس وجمع الضمير ليعم جميع الأمة‏.‏

- ‏(‏مالك حم ق ن ه عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب ورواه مسلم عن أبي هريرة وزاد فيه ومن غشنا فليس منا‏.‏

8648 - ‏(‏من حمل بجوانب السرير‏)‏ الذي عليه الميت ‏(‏الأربع غفر له أربعون كبيرة‏)‏ ومنه أن حمل الجنازة ليس فيه دناءة بل هو مستحب لما فيه من بر الميت وإكرامه، وبهذا أخذ الخنفية فذهبوا إلى أن التربيع أفضل من الحمل بين العمودين، وقال الشافعية‏:‏ الحمل بين العمودين أفضل‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن واثلة‏)‏ بن الأسقع رواه عنه أيضاً الطبراني في الكبير والأوسط وفيه علي بن عمارة وهو ضعيف كما قال الهيثمي‏.‏

8649 - ‏(‏من حمل من‏)‏ وفي رواية عن ‏(‏أمتي أربعين حديثاً بعثه اللّه‏)‏ في رواية لقي اللّه ‏(‏يوم القيامة فقيهاً عالماً‏)‏ يعني حشر يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء أو أعطي مثل ثواب الفقيه العالم وجعل معه في درجته وهذا تنويه عظيم بفضل رواية الحديث وحفظه‏.‏

- ‏(‏عد عن أنس‏)‏ وفيه عمر بن شاكر قال في الميزان‏:‏ بصري واه له عن أنس نحو عشرين حديثاً مناكير وقال ابن عدي‏:‏ له نسخة نحو عشرين حديثاً غير محفوظة ثم سرد منها هذا الخبر ثم قال في الميزان‏:‏ قلت هذا من وضع سليمان بن سلمة اهـ‏.‏

8650 - ‏(‏من حمل‏)‏ من السوق ‏(‏سلعته‏)‏ بكسر السين بضاعته والجمع سلع كسدرة وسدر ولفظ رواية البيهقي من حمل بضاعته ‏(‏فقد برئ من الكبر‏)‏ وذلك لما يلزم الحمل من التواضع وطرح النفس قال الحرالي‏:‏ وإذا كان ذا فيمن يحمل متاعه فكيف بمن يحمل أمتعة الناس إعانة لهم‏؟‏ والكبر آية المطرودين عن منازل النعيم وهذا حث على التواضع وترك عادة أهل النخوة‏.‏

- ‏(‏هب‏)‏ وكذا ابن لال ‏(‏عن أبي أمامة‏)‏ قضية صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وأقره والأمر بخلافه بل تعقبه بقوله في إسناده ضعف اهـ وذلك لأن فيه سويد بن سعيد وهو ضعيف عن بقية وهو مدلس عن عمرو بن موسى الدمشقي قال في الميزان‏:‏ لا يعتمد عليه ولا يعرف ولعله الوجهي‏.‏

8651 - ‏(‏من حمل أخاه‏)‏ في الدين ‏(‏على شسع‏)‏ في رواية على شسع نعل والشسع بالكسر قبال النعل ‏(‏فكأنما حمله على دابة في سبيل اللّه‏)‏ في رواية بدله فكأنما حمله على فرس شاك في السلاح في سبيل اللّه‏.‏

- ‏(‏خط عن أنس‏)‏ وفيه محمد بن جبار قال الخطيب‏:‏ يحدث بمناكير اهـ وأورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ قال ابن منده‏:‏ ليس بذلك والصوري ضعيف وفيه أبو معمر مجهول وعبد الواحد بن زيد قال الذهبي‏:‏ قال البخاري والنسائي‏:‏ متروك وقال ابن الجوزي‏:‏ حديث لا يصح‏.‏

8652 - ‏(‏من حوسب عذب‏)‏ بالبناء للمفعول يعني من حوسب بمناقشة كما يدل عليه الخبر الآتي من نوقش الحساب عذب والمراد هنا المبالغة في الاستيفاء والمعنى وتحرير الحساب يفضي إلى استحقاق العذاب لأن حسنات العبد موقوفة على القبول، وإن لم تقع الرحمة المقتضية للقبول لا تحصل النجاة‏.‏

- ‏(‏ن والضياء‏)‏ المقدسي ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك وقضية تصرف المصنف أن هذا الحديث مما لم يخرج في أحد الصحيحين وهو ذهول فقد خرجه مسلم في أواخر صحيحه من حديث عائشة بلفظ من حوسب يوم القيامة عذب قيل أليس قال اللّه ‏{‏فسوف يحاسب حساباً يسيراً‏}‏ فقال‏:‏ ليس ذلك الحساب إنما ذلك العرض من نوقش الحساب يوم القيامة عذب اهـ بنصه‏.‏

8653 - ‏(‏من خاف أدلج‏)‏ بسكون الدال مخففاً سار من أول الليل وأما بالتشديد فمعناه سار من آخره ‏(‏ومن أدلج بلغ المنزل‏)‏ يعني من خشي اللّه أتى منه كل خير ومن أمن اجترأ على كل شر، كذا في الكشاف، وقال في الرياض‏:‏ المراد التشمير في الطاعة‏.‏ وفي الترغيب معناه من خاف ألزمه الخوف السلوك إلى الآخرة والمبادرة بالعمل الصالح خوف القواطع والعوائق‏.‏ وقيل هو حث على قيام الليل‏.‏ جعل قيامه من علامات الخوف لأن الخائف يدلج أي منعه الخوف من نوم كل الليل، والأظهر أنه ضرب مثلاً لكل من خاف الردى أو فوت ما يتمنى أن يصل إلى السير بالسرى ولا يركن إلى الراحة والهوى حتى يبلغ المنى ‏(‏ألا إن سلعة اللّه غالية‏)‏ أي رفيعة القدر ‏(‏ألا إن سلعة اللّه الجنة‏)‏ قال الطيبي‏:‏ هذا مثل ضربه لسالك الآخرة فإن الشيطان على طريقه، والنفس وأمانيه الكاذبة أعوانه، فإن تيقظ في سيره وأخلص في عمله أمن من الشيطان وكيده ومن قطع الطريق انتهى، وثمن هذه السلعة العمل الصالح المشار إليه بقوله ‏{‏والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً‏}‏ وقال العلائي‏:‏ أخبر أن الخوف من اللّه هو المقتضي للسير إليه بالعمل الصالح والمشار إليه بالإدلاج وعبر ببلوغ المنزلة عن النجاة المترتبة على العمل الصالح وأصل ذلك كله الخوف‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في الزهد ‏(‏ك‏)‏ في الرقاق ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال الترمذي‏:‏ حسن غريب وقال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي لكن تعقبه الصدر المناوي بأن فيه عندهما يزيد بن سنان ضعفه أحمد وابن المديني اهـ وقال ابن طاهر‏:‏ يزيد متروك والحديث لا يصح مسنداً وإنما هو من كلام أبي ذر‏.‏

8654 - ‏(‏من خبب‏)‏ بخاء معجمة ثم موحدة تحتية مكررة ‏(‏زوجة امرئ‏)‏ أي خدعها وأفسدها ‏(‏أو مملوكة فليس منا‏)‏ أي ليس على طريقتنا ولا من العاملين بقوانين أحكام شريعتنا قال شيخنا الشعراوي‏:‏ ومن ذلك ما لو جاءته امرأة غضبانة من زوجها ليصلح بينهما مثلاً فيبسط لها في الطعام ويزيد في النفقة والإكرام ولو إكراماً لزوجها فربما مالت لغيره وازدرت ما عنده فيدخل في هذا الحديث، ومقام العارف أن يؤاخذ نفسه باللازم وإن لم يقصده‏.‏ قال‏:‏ وقد فعلت هذا الخلق مراراً فأضيق على المرأة الغضبانة وأوصي عيالي أن يجوعوها لترجع وتعرف حق نعمة زوجها‏.‏ وكذا القول في العبد‏.‏

- ‏(‏د عن أبي هريرة‏)‏ وفيه هارون بن محمد أبو الطيب، قال في الميزان‏:‏ قال ابن معين‏:‏ كذاب ثم أورد له هذا الخبر‏.‏

8655 - ‏(‏من ختم القرآن أول النهار صلت عليه الملائكة‏)‏ أي استغفرت له الملائكة ‏(‏حتى يمسي‏)‏ أي يدخل في المساء ‏(‏ومن ختمه آخر النهار صلت عليه الملائكة حتى يصبح‏)‏ أي يدخل في الصباح يحتمل أن المراد بالملائكة الحفظة ويحتمل أن المراد الملائكة الموكلين بالقرآن وسماعه‏.‏

- ‏(‏حل عن سعد‏)‏ بن أبي وقاص وفيه هشام بن عبد اللّه قال الذهبي في الضعفاء‏:‏ قال ابن حبان‏:‏ كثرت مخالفته للأثبات ثم روى له حديثين موضوعين ومصعب بن سعد قال أعني الذهبي‏:‏ خرجه ابن عدي‏.‏

8656 - ‏(‏من ختم له بصيام يوم‏)‏ أي من ختم عمره بصيام يوم بأن مات وهو صائم أو بعد فطره من صومه ‏(‏دخل الجنة‏)‏ أي مع السابقين الأولين أو من غير سبق عذاب‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده ‏(‏عن حذيفة‏)‏ بن اليمان قال الهيثمي‏:‏ رجاله موثقون‏.‏

8657 - ‏(‏من خرج‏)‏ لفظ رواية الترمذي من خرج من بيته ‏(‏في طلب العلم‏)‏ أي الشرعي النافع الذي أريد به وجه اللّه ‏(‏فهو في سبيل اللّه‏)‏ أي حكمه حكم من هو في الجهاد ‏(‏حتى يرجع‏)‏ لما في طلبه من إحياء الدين وإذلال الشيطان وإتعاب النفس كما في الجهاد فلذلك أشبهه، وفي قوله حتى يرجع إشارة إلى أنه بعد الرجوع وإنذار القوم له درجة أعلى من تلك الدرجة لأنه حينئذ وارث الأنبياء في تكميل الناقصين‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في العلم ‏(‏والضياء‏)‏ في المختارة ‏(‏عن أنس‏)‏ وقال الترمذي‏:‏ حسن غريب ولم يرفعه بعضهم وفيه خالد بن يزيد اللؤلؤي قال العقيلي‏:‏ لا يتابع على كثير من حديثه ثم ذكر له هذا الخبر قال الذهبي‏:‏ واه مقارب‏.‏

8658 - ‏(‏من خضب شعره بالسواد سود اللّه وجهه‏)‏ دعاء أو خبر ‏(‏يوم القيامة‏)‏ وهذا وعيد شديد يفيد التحريم، وبه أخذ جمع شافعية فحرموه به لغير الجهاد فيجوز به لإرهاب العدو، ورجحه النووي، ومنهم من فرق بين الرجل والمرأة فأجازه لها دونه واختاره الحليمي‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ من رواية الوضين عن جنادة عن أبي الدرداء قال الزين العراقي في شرح الترمذي‏:‏ فيه الوضين بن عطاء ضعيف وقال ابن حجر في الفتح‏:‏ سنده لين وقال في الميزان‏:‏ قال أبو حاتم‏:‏ هذا حديث موضوع اهـ‏.‏ وذلك لأن فيه جعفر بن محمد بن فضال وهو الدقاق قال الذهبي‏:‏ كذبه الدارقطني ومحمد بن سليمان بن أبي داود قال أبو حاتم‏:‏ منكر الحديث وجنادة ضعفه أبو زرعة‏.‏

8659 - ‏(‏من خلقه اللّه لواحدة من المنزلتين وفقه اللّه لعملها‏)‏ فمن خلقه اللّه للسعادة أقدره على أعمالها حتى تكون الطاعة أيسر الأمور عليه ‏{‏فمن يرد اللّه أن يهديه يشرح صدره للإسلام‏}‏ ومن خلقه للشقاوة منعه الألطاف حتى تكون الطاعة أعسر شيء عليه وأشده ‏{‏ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً‏}‏‏.‏

- ‏(‏طب عن عمران‏)‏ رمز لحسنه‏.‏

8660 - ‏(‏من دخل البيت‏)‏ أي الكعبة المعظمة ‏(‏دخل في حسنة وخرج من سيئئة مغفوراً له‏)‏ ترغيب عظيم في دخول الكعبة، قال العراقي‏:‏ وندبه متفق عليه لكن محله ما لم يؤذ أو يتأذى بنحو زحمة، قال الشافعي‏:‏ واستحب دخول البيت إن كان لا يؤذي أحداً بدخوله‏.‏

- ‏(‏طب هب عن ابن عباس‏)‏ قال البيهقي‏:‏ تفرد به عبد اللّه بن المؤمل وهو ضعيف وقال المحب الطبري‏:‏ هو حسن غريب وقال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني‏:‏ فيه عبد اللّه بن المؤمل وفيه ضعف ووثقه ابن سعد‏.‏

8661 - ‏(‏من دخل الحمام بغير مئزر‏)‏ ساتر لعورته عن العيون ‏(‏لعنه الملكان‏)‏ أي الحافظان الكاتبان حتى يستتر، وفيه أن كشف العورة أو بعضها بحضرة من لا يحل له النظر إليها حرام فإن كان بحضرة من يحل له النظر إليها أو كان خالياً وكشفها لحاجة جاز‏.‏

- ‏(‏الشيرازي عن أنس‏)‏ بن مالك‏.‏

8662 - ‏(‏من دخلت عينه‏)‏ أي نظر بعينه إلى من في الدار من أهلها وهو بالباب ‏(‏قبل أن يستأنس ويسلم فلا إذن له‏)‏ أي فلا ينبغي لرب الدار أن يأذن له ‏(‏وقد عصى ربه‏)‏ ومن ثم جاز لرب الدار أن يرميه وإن انفقأت عينه‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ من حديث إسحاق بن يحيى ‏(‏عن عبادة‏)‏ بن الصامت قال الهيثمي‏:‏ وإسحاق لم يدرك عبادة وبقية رجاله ثقات اهـ‏.‏

8663 - ‏(‏من دعا إلى هدى‏)‏ أي إلى ما يهتدى به من العمل الصالح، ونكره ليشيع فيتناول الحقير كإماطة الأذى عن الطريق ‏(‏كان له من الأجر مثل أجور من تبعه‏)‏ فهبه ابتدعه أو سبق إليه لأن اتباعهم له تولد عن فعله الذي هو من سنن المرسلين ‏(‏لا ينقص ذلك‏)‏ الإشارة إلى مصدر كان ‏(‏من أجورهم شيئاً‏)‏ دفع ما يتوهم أن أجر الداعي إنما يكون بالتنقيص من أجر التابع وضمه إلى أجر الداعي فكما يترتب الثواب والعقاب على ما يباشره ويزاوله يترتب كل منهما على ما هو سبب فعله كالإرشاد إليه والحث عليه، قال البيضاوي‏:‏ أفعال العباد وإن كانت غير موجبة ولا مقتضية للثواب والعقاب بذاتها لكنه تعالى أجرى عادته بربط الثواب والعقاب ارتباط المسببات بالأسباب وفعل ما له تأثير في صدوره بوجه، ولما كانت الجهة التي بها استوجب الجزاء المتسبب غير الجهة التي استوجب بها المباشر لم ينقص أجره من أجره شيئاً، وكذا يقال فيما يأتي إلى هنا كلام القاضي، وقال الطيبي‏:‏ الهدى إما الدلالة الموصلة إلى البغية أو مطلق الإرشاد وهو في الحديث ما يهتدي به من الأعمال وهو بحسب التنكير مطلق شائع في جنس ما يقال له هدى يطلق على ما قل وكثر والحقير والعظيم فأعظمه هدى من دعا إلى اللّه وعمل صالحاً وأدناه هدى من دعا إلى إماطة الأذى ولهذا عظم شأن الفقيه الداعي المنذر حتى فضل واحد منهم على ألف عابد ولأن نفعه يعم الأشخاص والأعصار إلى يوم الدين ‏(‏ومن دعا إلى ضلالة‏)‏ ابتدعها أو سبق بها ‏(‏فإن عليه من الإثم مثل آثام من تبعه‏)‏ لتولده عن فعله الذي هو من خصال الشيطان والعبد يستحق العقوبة على السبب وما تولد منه، كما يعاقب السكران على جنايته حال سكره وإذا كان السبب محظوراً لم يكن السكران معذوراً فاللّه يعاقب على الأسباب المحرمة وما تولد منها كما يثيب على الأسباب المأمور بها وما تولد منها، ولهذا كان على قابيل القاتل لأخيه كفل من ذنب كل قاتل ومر أن ذا لا يعارضه حديث ‏"‏إذا مات الإنسان انقطع عمله‏"‏ إلا من ثلاث لأنه نبه بتلك الثلاث على ما في معناها من كل ما يدوم النفع به للغير ‏(‏ولا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً‏)‏ ضمير الجمع في أجورهم وآثامهم يعود لمن باعتبار المعنى فإن قيل إذا دعا واحد جمعاً إلى ضلالة فاتبعوه لزم كون السيئة واحدة وهي الدعوة مع أن هنا آثاماً كثيرة قلنا تلك الدعوة في المعنى متعددة لأن دعوى الجمع دفعة دعوة لكل من أجابها فإن قيل كيف التوبة مما تولد وليس من فعله والمرء إنما يتوب مما فعله اختياراً قلنا يحصل بالندم ودفعه عن الغير ما أمكن‏.‏

<تنبيه> أخذ المقريزي من هذا الخبر أن كل أجر حصل للشهيد حصل للنبي صلى اللّه عليه وسلم بسببه مثله والحياة أجر فيحصل للنبي صلى اللّه عليه وسلم مثلها زيادة على ماله من الأجر الخاص من نفسه على هذا المهتدي وعلى ماله من الأجور على حسناته الخاصة من الأعمال والمعارف والأحوال التي لا تصل جميع الأمّة إلى عرف نشرها ولا يبلغون معاشر عشرها فجميع حسنات المسلمين وأعمالهم الصالحة في صحائف نبينا صلى اللّه عليه وسلم زيادة على ما له من الأجر مع مضاعفة لا يحصيها إلا اللّه لأن كل مهتد وعامل إلى يوم القيامة يحصل له أجر ويتجدد لشيخه في الهداية مثل ذلك الأجر ولشيخ شيخه مثلاه وللشيخ الثالث أربعة وللرابع ثمانية وهكذا تضعف كل مرتبة بعدد الأجور الحاصلة بعده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وبذلك يعرف تفضيل السلف على الخلف فإذا فرضت المراتب عشرة بعد النبي كان للنبي صلى اللّه عليه وسلم من الأجر ألف وأربعة وعشرون فإذا اهتدى بالعاشر حادي عشر صار أجر النبي صلى اللّه عليه وسلم ألفين وثمانية وأربعين وهكذا كلما ازدادوا واحداً يتضاعف ما كان قبله أبداً‏.‏

- ‏(‏حم م 4 عن أبي هريرة‏)‏ ولم يخرجه البخاري‏.‏

8664 - ‏(‏من دعا لأخيه‏)‏ في الدين ‏(‏بظهر الغيب‏)‏ أي في غيبته ‏(‏قال الملك الموكل به آمين ولك بمثل‏)‏ بالتنوين أي بمثل ما دعوت له به‏.‏

- ‏(‏م د عن أبي الدرداء‏)‏‏.‏

8665 - ‏(‏من دعا على من ظلمه فقد انتصر‏)‏ أي أخذ من عرض الظالم فنقص من إثمه فنقص ثواب المظلوم بحسبه وهذا إخبار بأن من انتصر ولو بلسانه فقد استوفى حقه فلا إثم عليه ولا أجر له فالحديث تعريض بكراهة الانتصار وندب العفو بجعل أجره على اللّه ‏{‏ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور‏}‏ وفيه شفقته على جميع أمته مظلومهم وظالمهم، فأما مظلومهم فأحب له العفو لئلا يحرم الأجر وظالمهم خوف أن يدعو عليه المظلوم فيجاب، وقد مدح اللّه المنتصرين من البغي كما مدح العافين فحمل الثاني على من ندر منه البغي فيقال عثرته والأول على ما إذا كان الداعي تجاوز جرأة وفجوراً‏.‏

- ‏(‏ت عن عائشة‏)‏ ذكر في العلل أنه سئل عنه البخاري فقال‏:‏ لا أعلم أحداً رواه غير أبي الأحوص لكن هو من حديث أبي حمزة وضعف أبا حمزة جداً اهـ‏.‏

8666 - ‏(‏من دعا رجلاً بغير اسمه لعنته الملائكة‏)‏ أي دعت عليه بالبعد عن منازل الأبرار ومواطن الأخيار ولعل المراد أنه دعاه بلقب يكرهه بخلاف ما لو دعاه بنحو يا عبد اللّه‏.‏

- ‏(‏ابن السني‏)‏ أحمد بن محمد وكذا ابن لال ‏(‏عن عمير بن سعد‏)‏ هما في الصحابة اثنان أنصاري وعبدي فكان ينبغي تمييزه قال ابن الجوزي‏:‏ قال النسائي‏:‏ هذا حديث منكر‏.‏

8667 - ‏(‏من دعي إلى عرس‏)‏ أي إلى وليمة عرس ‏(‏أو نحوه‏)‏ كختان وعقيقة ‏(‏فليجب‏)‏ وجوباً في وليمة العرس عند توفر الشروط المبينة في الفروع وندباً في غيرها وأخذ بظاهره بعض الشافعية فأوجب الإجابة إلى الدعوة مطلقاً عرساً أو غيره بشرطه ونقله ابن عبد البر عن العنبري قاضي البصرة وزعم ابن حزم بأنه قول جمهور الصحب والتابعين وهو الذي فهمه ابن عمر من الخبر فعند عبد الرزاق قال ابن حجر‏:‏ بإسناد صحيح عن ابن عمر أنه دعي إلى طعام فقال رجل‏:‏ أعفني فقال ابن عمر‏:‏ إنه لا عافية لك من هذا فقم وجزم باختصاص الوجوب بوليمة النكاح المالكية والحنفية والحنابلة وجمهور الشافعية وبالغ السرخسي منهم فنقل فيه الإجماع‏.‏

- ‏(‏م‏)‏ في الوليمة ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال في الميزان‏:‏ أخرجه مسلم في صحيحه عن ابن راهويه عن عيسى عن بقية وليس لبقية في الصحيح سواه أخرجه شاهداً اهـ ورواه عنه أبو داود أيضاً‏.‏

8668 - ‏(‏من دفع غضبه دفع اللّه عنه عذابه‏)‏ مكافأة له على كظم غيظه وقهر نفسه للّه ‏(‏ومن حفظ لسانه‏)‏ أي عن الوقيعة في أعراض الناس أو عن النطق بما يحرم ‏(‏ستر اللّه عورته‏)‏ عن الخلق فلا يطلع الناس على عيوبه‏.‏

- ‏(‏طس‏)‏ وكذا في الأوسط ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك وضعفه المنذري وقال الهيثمي‏:‏ فيه عبد السلام بن هلال وهو ضعيف‏.‏

8669 - ‏(‏من دفن ثلاثة من الولد‏)‏ أي من أولاده ذكوراً أو إناثاً ولعل المراد من أولاد الصلب ويحتمل شموله لأولاد الأولاد ‏(‏حرم اللّه عليه النار‏)‏ أي نار جهنم بأن يدخل الجنة من غير عذاب بالكلية، وظاهره أن الكلام في المسلم‏.‏

- ‏(‏طب عن واثلة‏)‏ بن الأسقع رمز لحسنه وقال الهيثمي‏:‏ فيه سنان مجهول‏.‏

8670 - ‏(‏من دل على خير‏)‏ شمل جميع أنواع الخصال الحميدة ‏(‏فله‏)‏ من الأجر ‏(‏مثل أجر فاعله‏)‏ أي له ثواب كما لفاعله ثواب ولا يلزم تساوي قدرهما، ذكره النووي، أو أن المراد المثل بغير تضعيف، وقد مر هذا غير مرة‏.‏